نبذة عن الكتاب

العشاء بعد السادسة هي الرواية البكر للكاتبة والتي تنبأت بميلاد قلم يحفر رسالته بعمق وبحرفية جمالية عالية في متن الأدب الفلسطيني خاصة والعربي عامة، رواية العشاء بعد السادسة وهي عبارة عن ثلاث روايات بقضايا منفصلة في القضية المطروحة ولكنها مشتركة بأنها نُقشت في الكتاب بملامح بارزة وقاسية أظهرت الكاتبة من خلالها سمو فكرتها وتجذرها في الواقع المعاش والذي طرحته بحيادية ذات طابع خيالي شَرَحَتْ فيه الحالة الوجدانية والصراع الداخلي (المونولوج) لبطلات الروايات الثلاث التي ولدن من جرح واحد ومن بؤس واحد تعمدن به في وحل الظروف الاجتماعية والسياسية التي أحاطت بهن.
استطاعت فلسطين أبو زهو بأسلوبها المميز أن تتجاوز بالقارئ جمود الزمان والمكان والواقع، فبنت الكاتبة وفرضت بطريقتها الخاصة مسرحاً للأحداث أمام القارئ جعلته يستسلم للخيال وللصورة التي وارتها ورسمتها بين جملها ليدخل فيه ليعايش تفاصيلاً روضته بلا وعي في مداراتها وفق رؤيتها الخاصة بها، الطريقة الاحترافية واللغة الرصينة والمتينة ذات الطابع الوجداني التي تغوص داخل منولوج الشخصية الرئيسية في كل رواية لتنهل منها الأمل والألم هي نقطة قوة مؤثرة جداً ووجبة دسمة يتلذذ منها قارئ النخبة ويستعصي على هضمها القارئ العادي.
طريقة السرد القوية التي روت فيها الأحداث والتوثيق المستفيض للإقتباسات التي استعانت بها في كتابتها فتحت آفاقاً جديدة في ذهن القارء ليدخل في شغف الفضول للنهل من نبع الثقافة في الكتب المروية وهذه نقطة تحسب للكاتبة وتدل على سعة ثقافتها واطلاعها على الموروث الادبي، فكتبت بحنكة الحكمة وخلود الرقي حرفاً تغلغل في النفس البشرية كذراع أوقف دولاب الصراع في الأنا ليرسم خطاً ذو رؤية منهجية عقلانية يمتد بالقارء للوصول لسلام داخلي يكون راضياً عنه، وبهذه الطريقة نجحت الكاتبة في توظيف عنصر المتعة والتشويق للمتلقي لمتابعة القراءة عن طريق جعله يبحث عن الخلاص الأبدي من العذاب الروحي للنفس الإنسانية، وأسلوب الكاتبة يشبهه الى حد كبير برصانته الأدبية قلم الكاتبة اللبنانية ليلى بعلبكي بفلسفته الوجدانية ونرجسية غادة السمان بصوره الفنية.