نبذة عن الكتاب

في تجربة تأليفي لكتاب «حائك الكلام» أحاول أن أرسم في كل فصل من فصوله، خيطاً لكيفية تحولي من مستمع وراوٍ للحكايات يوم كنت في القرية، إلى حائك للكلام، وهي طريقة تمتزج فيها الذات بالمشروع النقدي، ليس من خلال أن أضع اسمي على غلاف الكتاب وأدعي تأليفه، إنَّما من خلال المشاركة البنائية في تنظيم أفكار فصول الكتاب وتركيبها . ففي كل فصل أحكي فيه جزءاً من سيرتي كحائك، لقصة مختفية وراء عنوان الفصل الخاص بموضوع جزئي من مجمل موضوعات الكتاب . ومن هنا أستطيع القول : إن المحاولة النقدية، تتضمن جزءاً من السيرة الذاتية، هي أشبه بالتوقيع الذي يختفي وراء أقنعة النَّص . فحائك الكلام بنية لمؤلف غائب عن حياكة الكلام، وعملي يختصّ بنقل تجربة عايشت أجزاء منها يوم كنت في القرية، حيث يوجد جوار بيتنا حائك يحيك البسط والعباءات، وقد كنت أراقبه وهو يحرّك «الجومة» التي يكون نصفها مدفوناً في الحفرة تحركه قدماه، ونصفها الآخر تحركه يداه وذلك بتحريك النول بين خيوط السدى . أمّا الجزء الآخر من التجربة فقد اكتسبته من المعرفة الثقافية، ومن التمايز بين موقع تبئير الراوي والسارد داخل الحكاية وخارجها، وبين موقع حائك الكلام الذي لم يُبئر في الحكاية، بل يتولّى المؤلف عمله كما لو كان المؤلف هو حائك الكلام .