نبذة عن الكتاب

كانت حبيبات البرد تنهمر بغضب على قارعة الطريق، فتسمع فرقعتها بقوة على هياكل السيارات والحافلات والمارة. كأنها تتوعد الكون بشر شتاء لم يشهده من قبل، أو أن ذلك الغيظ الذي في صدر سعد قد انتقل إليها. فهي الكائن الوحيد الذي يستشعر وجوده ومرارته هذه الأيام. استطاع أن يجد زاوية صغيرة مسقوفة في محطة انتظار الباص، فوفرت رأسه حبيبات البرد. لقد مضى من الوقت ساعة ونصف الساعة ولا يزال هناك أقله نصف ساعة أخرى حتى يحين موعد الباص. فضّل أن يُمضي ساعتين في انتظار الباص في هذا الصقيع وتحت وخز حبيبات البرد، التي بدا له أنها تحاوره ، على أن يمضيها في دفء المنزل المضطرب الذي يقطنه مع صديقته هيلغا. هيلغا كانت أميرته لكنها لم تعد كذلك. أغدق عليها كل ما استطاع من حب ومال وإن كان ليس بذي مال كثير. لكنه ابن الشيخ أبي سعد في قرية عين الزمان ووالده علّمه طقوس تكريم الضيف والإغداق على المضيف إن حلّ ضيفاً. هو ليس ضيفاً بل شريكاً، إنما عقد الإيجار باسمها وهي الآمر الناهي. أراد أن يحبها وظن أن ذلك ممكناً، رغم أن مشاعره كلها استُنزفت على جبهات الاغتراب .